سورة إبراهيم - تفسير تفسير النسفي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (إبراهيم)


        


{آلر كِتَابٌ} هو خبر مبتدأ محذوف أي هذا كتاب يعني السورة، والجملة التي هي {أنزلناه إِلَيْكَ} في موضع الرفع صفة للنكرة {لِتُخْرِجَ الناس} بدعائك إياهم {مِنَ الظلمات إِلَى النور} من الضلالة إلى الهدى {بِإِذْنِ رَبّهِمْ} بتيسيره وتسهيله مستعار من الإذن الذي هو تسهيل الحجاب وذلك ما يمنحهم من التوفيق {إلى صراط} بدل من {النور} بتكرير العامل {العزيز} الغالب بالانتقام {الحميد} المحمود على الإنعام {الله} بالرفع مدني وشامي على هو {الله} وبالجر غيرهما على أنه عطف بيان للعزيز الحميد {الذى لَهُ مَا فِى السماوات وَمَا فِى الأرض} خلقاً وملكاً. ولما ذكر الخارجين من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان توعد الكافرين بالويل وهو نقيض الوأل وهو النجاة وهو اسم معنى كالهلاك فقال: {وَوَيْلٌ للكافرين مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} وهو مبتدأ وخبر، وصفة {الذين يَسْتَحِبُّونَ} يختارون ويؤثرون {الحياة الدنيا عَلَى الأخرة وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله} عن دينه {وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا} يطلبون لسبيل الله زيغا واعوجاجاً والأصل ويبغون لها فحذف الجار وأوصل الفعل. {الذين} مبتدأ خبره {أُوْلَئِكَ فِى ضلال بَعِيدٍ} عن الحق. ووصف الضلال بالبعد من الإسناد والمجازي والبعد في الحقيقة للضال لأنه هو الذي يتباعد عن طريق الحق فوصف به فعله كما تقول جد جده، أو مجرور صفة للكافرين، أو منصوب على الذم أو مرفوع على أعني الذين أوهم الذين.


{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ} إلا متكلماً بلغتهم {لِيُبَيّنَ لَهُمْ} ما هو مبعوث به وله فلا يكون لهم حجة على الله ولا يقولون له: لم نفهم ما خوطبنا به. فإن قلت: إن رسولنا صلى الله عليه وسلم بعث إلى الناس جميعاً بقوله {قُلْ يا أَيُّهَا الناس إِنّى رَسُولُ الله إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف: 158] بل إلى الثقلين وهم على ألسنة مختلفة فإن لم تكن للعرب حجة فلغيرهم الحجة قلت: لا يخلو ما إن ينزل بجميع الألسنة أو بواحد منها فلا حاجة إلى نزوله بجميع الألسنة، لأن الترجمة تنوب عن ذلك وتكفي التطويل فتعين أن ينزل بلسان واحد، وكان لسان قومه أولى بالتعيين لأنهم أقرب إليه ولأنه أبعد من التحريف والتبديل {فَيُضِلُّ الله مَن يَشَاء} من آثر سبب الضلالة {وَيَهْدِى مَن يَشَاءُ} من آثر سبب الاهتداء {وَهُوَ العزيز} فلا يغالب على مشيئته {الحكيم} فلا يخذل إلا أهل الخذلان {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا موسى بآياتنا} التسع {أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ} بأن أخرج أو أي أخرج لأن الإرسال فيه معنى القول كأنه قيل: أرسلناه وقلنا له أخرج قومك {مِنَ الظلمات إِلَى النور وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ الله} وأنذرهم بوقائعه التي وقعت على الأمم قبلهم قوم نوح وعاد وثمود، ومنه أيام العرب لحروبها وملاحمها أو بأيام الإنعام حيث ظلل عليهم الغمام وأنزل عليهم المن والسلوى وفلق لهم البحر {إِنَّ فِى ذلك لآيات لّكُلّ صَبَّارٍ} على البلايا {شَكُورٍ} على العطايا كأنه قال لكل مؤمن إذ الإيمان نصفان نصف صبر ونصف شكر.


{وَإِذْ قَالَ موسى لِقَوْمِهِ اذكروا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُمْ مّنْ ءَالِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوء العذاب} {إذ} ظرف للنعمة بمعنى الإنعام أي إنعامه عليكم ذلك الوقت، أو بدل اشتمال من نعمة الله أي اذكروا وقت إنجائكم {وَيُذَبّحُونَ أَبْنَاءكُمْ} ذكر في البقرة {يذبحون} [البقرة: 49] وفي الأعراف {يقتلون} [الأعراف: 141] بلا واو، وهنا مع الواو. والحاصل أن التذبيح حيث طرح الواو جعل تفسيراً للعذاب وبياناً له، وحيث أثبت الواو جعل التذبيح من حيث إنه زاد على جنس العذاب كأنه جنس آخر {وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِى ذلكم بَلاء مِّن رَّبّكُمْ عَظِيمٌ} الإشارة إلى العذاب والبلاء المحنة أو إلى الإنجاء والبلاء النعمة. {وَنَبْلُوكُم بالشر والخير فِتْنَةً} [الأنبياء: 35] {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ} أي آذن ونظير {تأذن} و(آذن) توعد وأوعد. ولا بد في تفعل من زيادة معنى ليس في أفعل كأنه قيل: وإذ آذن ربكم إيذاناً بليغاً تنتفي عنده الشكوك والشبه وهو من جملة ما قال موسى لقومه، وانتصابه للعطف على {نعمة الله عليكم} كأنه قيل: وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم واذكروا حين تأذن ربكم والمعنى وإذ تأذن ربكم فقال: {لَئِن شَكَرْتُمْ} يا بني إسرائيل ما خولتكم من نعمة الإنجاء وغيرها {لأَزِيدَنَّكُمْ} نعمة إلى نعمة فالشكر قيد الموجود وصيد المفقود وقيل: إذا سمعت النعمة نغمة الشكر تأهبت للمزيد. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: لئن شكرتم بالجد في الطاعة لأزيدنكم بالجد في المثوبة {وَلَئِن كَفَرْتُمْ} ما أنعمت به عليكم {إِنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌ} لمن كفر نعمتي، أما في الدنيا فسلب النعم وأما في العقبى فتوالى النقم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7